التاريخ : 2024-04-03
الرياضة والسياسة: مباراة الكلاسيكو بين الفيصلي والوحدات إنموذجاً
كتب د محمد عاطف عضيبات أستاذ مساعد في القانون التجاري والتحكيم/ جامعة عمّان الاهلية عبر الميدان الرياضي
عبر التاريخ ,كانت العلاقة بين الرياضة والسياسة وطيدة لدرجة لا يمكن فصل احداهما عن الأخرى. لقد تجلت هذه العلاقة الوطيدة خلال مباراة الكلاسيكو بين فريقي الفيصلي والوحدات. هذه المباراة التي جسّدت بالفعل الوحدة الوطنية بأبها صورها وارقى أشكالها. فالشعارات التي رفعت خلال هذه المبارة مثل:"بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، "بالروح بالدم نفديكي يا غزة"، "هيك علمّنا ابو حسين... شعب واحد مش شعبين"، "تحيه وحداتية لعيون الفيصلاوية"، "تحيه فيصلاوية لعيون الوحداتية" لم تكن شعارات وأهازيج في وقفة تضامنية لدعم غزة او فلسطين، بل كانت اصوات تعلو في مدرجات ستاد عمان الذي شهد مبارة الكلاسيكو بين الغريمين رياضياً (الفيصلي والوحدات). الحقيقة ان هذه المبارة لم تكن مجرد مباراة كروية عادية، بل كانت لحظة فريدة من نوعها عاشها المشجعون على مدرجات الملعب والمشاهدين خلف الشاشات.
لقد عكست هذه اللحظه تضامناً وطنياً ملهماً ومثالاً لروح الوحدة والتماسك بين أبناء هذا الوطن في الوقت الذي يحاول فيه البعض المساس بوحدتنا الوطنية.
ففي العادة تأتي مثل هذه المباريات كمناسبة لإستعراض قوة كلا الفريقين وحماس جماهيرهما وتعصبهم لفرقهم، الا ان هذه المبارة اظهرت قوة الروابط الوطنية التي تجمع بين أبناء مجتمعنا الواحد تكريساً لوحدتهم الوطنية.
فالحقيقة ان اهتمام الجماهير لم يكن منصباً على الفوز بالمبارة فحسب، بل كان أهم ما في المباراة هو التعبير عن الوحدة والتآخي بين أبناء الشعب الواحد، فهم يعيشون لحظات الانتماء الحقيقي والتضحية من أجل الفوز بالوحدة الوطنية -وليس الفوز بالمبارة- ورفع صوت الوطن عالياً في أرجاء الملعب. وبذلك فقد أوصلت جماهير كلا الفريقين رسالة قوية لمن يحاول المساس بالوحدة الوطنية واثارة الفتن. فقد جاءت هذه الرسالة كمنارة تضيء الطريق نحو تعزيز الوحدة الوطنية والإخاء بين مختلف أطياف الشعب الاردني. وتأثيرها لم يكن مقتصراً على الملعب فحسب، بل امتدت لتشمل مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام الرياضية والاخبارية المحلية والعربية، حيث انتشرت العديد من الفيديوهات والمقاطع التي تبرز روح الوحدة والتآخي بين مشجعي كلا الفريقين (الفيصلي والوحدات).
إنها فرصة لنثبت للعالم أجمع أننا شعب واحد، متحد في مشاعره وهمومه وقضاياه. وهذا انعكاس للعلاقة الوطيدة والاخوية التي تربط بين جماهير الناديين، فهتاف جماهير كلا الفريقين بـ "هيك علمّنا ابو حسين... شعب واحد مش شعبين" اذ تؤكد ايضاً على التفاف جميع أبناء الوطن حول قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في ظل الظروف والتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها المنطقة، فيظهر الاردنيون جميعاً -من شتى المنابت والاصول- وقوفهم صفًا واحدًا خلف قائدهم الملك عبدالله الثاني بن الحسين، معبرين بذلك عن ولاءهم ووفائهم لجلالته ودعمهم لمواقفه الوطنية اتجاه القضية الفلسطينية بعامة وأهلنا في غزة بخاصة. فجلالة الملك يشكل رمزاً للوحدة الوطنية، فهو يرسخ دائماً الروابط الوطيدة بين أبناء وبنات شعبه ويعزز التلاحم فيما بينهم. ولقد عبّرت الجماهير بصورة عفوية عن ولائها المطلق ودعمها الكامل لجلالته في مواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية. وهذا بحد ذاته يعكس الوعي الوطني العميق والانتماء القوي الذي يجمع بين أبناء هذا الوطن. فالحقيقة ان التفاف أبناء الوطن من شتى المنابت والاصول حول قيادة جلالته يشكل رسالة قوية اخرى للعالم ولاصحاب الفتن والاجندات الخاصة بأن الوحدة الوطنية لا يمكن المساس بها.
علينا أن نستلهم من هذه التجربة الرائعة "مبارة الفيصلي والوحدات" دروساً عميقة في الاحترام المتبادل وقبول الآخر، بغض النظر عن اية انتماءات رياضية او سياسية. فالوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في مواجهة أي محاولات لزعزعة استقرار المجتمع وتفتيت بنيانه.
وفي النهاية، فإن مباراة الفيصلي والوحدات لم تكن مجرد حدث رياضي عابر للزمن، بل كانت أنموذجاً يُحفزنا على بذل المزيد من الجهود لبناء مجتمع مترابط ومتحد يواجه التحديات بروح الوحدة والتضامن والوقوف صفاً واحداً. وبإذن الله لن تكون هذه المبارة آخر ما نشهده من تجليات للوحدة الوطنية، بل ستظل محفورة في ذاكرة الوطن كشاهد على قوة وصلابة هذا الوطن بقيادته الهاشمية الحكيمة.
عدد المشاهدات : [ 1221 ]